Mistakes

أخطاء شائعة يرتكبها المؤسسون الجدد وكيفية تجنبها في الشركات التقنية

ريادة الأعمال في مجال التقنية هي مغامرة محفوفة بالتحديات، ولكنها تحمل في طياتها فرصًا كبيرة للابتكار والتطور. المؤسسون الجدد الذين يدخلون في هذا العالم يتطلعون إلى تغيير قواعد اللعبة من خلال تقديم حلول تقنية جديدة أو منتجات مبتكرة. لكن هذه الرحلة ليست خالية من العقبات. ففي كل خطوة من خطوات بناء شركة تقنية، يواجه المؤسسون تحديات متنوعة، كونهم يعتقدون أن الأفكار الكبيرة والطموح كافيان للنجاح.

ووفقًا لتقارير عديدة، فإن نسبة كبيرة من هذه الشركات تغلق أبوابها خلال السنوات الثلاث الأولى من إنشائها، وهو ما يعكس التحديات الضخمة التي يواجهها المؤسسون الجدد. هؤلاء المؤسسون الجدد - خاصةً الذين ليس لديهم خبرة سابقة في ريادة الأعمال – يقعون في فخ ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبها آخرون قبلهم. لكن الخبر الجيد هو أن هذه الأخطاء قابلة للتجنب إذا تم التعرف عليها مسبقًا والعمل على تصحيحها من البداية، فالمؤسسون الذين يتعلمون من تجارب الآخرين ويستفيدون من الدروس المستخلصة من قصص النجاح والفشل لديهم فرصة أكبر في بناء شركات تقنية قوية ومستدامة.

في هذا المقال، سنقوم بتسليط الضوء على أهم الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المؤسسون الجدد في عالم الشركات التقنية، وسنقدم نصائح عملية حول كيفية تجنب هذه الأخطاء لضمان نجاح مشروعك وتحقيق رؤية شركتك.

الاعتماد الكامل على التكنولوجيا دون استراتيجية واضحة

في كثير من الأحيان، يركز المؤسسون على الجوانب التقنية فقط مثل تحسين أداء النظام أو استخدام أحدث الأدوات البرمجية. صحيح أن التكنولوجيا هي أداة قوية بلا شك، ولكن بدون رؤية واضحة وتوجيه استراتيجي، يمكن أن يتحول الاستثمار المبالغ فيه في تحسين التكنولوجيا إلى فخ يستهلك موارد الشركة دون تحقيق النتائج المرجوة، لأن ذلك يؤدي إلى تبديد الموارد في تحسينات لا تضيف قيمة حقيقية للمستخدمين أو السوق.

لا تتجاهل أبدًا الإجابة على أسئلة أساسية : " ما هي القيمة التي تقدمها هذه التكنولوجيا؟" أو "كيف ستحقق هذه التكنولوجيا أهداف الشركة على المدى الطويل؟". مثل هذه الأسئلة يجب أن تكون في لب تفكير أي مؤسس، لأن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لبناء شركة ناجحة.

وحلول ذلك تكمن في عقلية التفكير قبل الشروع في أي مشروع تقني، فمن الضروري أن نفهم أن تطوير التكنولوجيا المناسبة ليس هو الهدف النهائي بحد ذاته، بل هو مجرد وسيلة لتحقيق أهداف الشركة. يجب أن نحرص كذلك أن تكون مصممة لحل مشكلات حقيقية يواجهها العملاء أو لتلبية احتياجات محددة في السوق.

علاوةً على ذلك، يجب مراقبة التقدم الذي تحرزه التكنولوجيا المستخدمة في تحقيق أهداف الشركة الاستراتيجية من خلال تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس. هذه الأهداف يمكن أن تكون في صورة مراحل أو نتائج ملموسة يجب تحقيقها على مدى فترة زمنية محددة. يمكن أن تشمل مثلًا تحسين تجربة المستخدم أو زيادة معدلات التحويل.

إدارة مالية غير مدروسة

التمويل المالي عمود أساسي في أي مشروع، وبشكل خاص في الشركات التقنية الناشئة، لا يمكن لشركة ناشئة تحمل خسائر ناتجة عن إدارة مالية غير فعالة، والإدارة المالية الفعالة ليست مجرد عملية تتعلق بتتبع النفقات والإيرادات، بل تتطلب تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا لكيفية استغلال الموارد المتاحة بفضل طريقة ممكنة. يجب على المؤسسين وضع ميزانية واضحة ومفصلة تشمل جميع المصروفات المحتملة. يتعين أن تشمل هذه الميزانية:

  • تطوير المنتج: تكاليف البحث والتطوير، التصميم، التصنيع، والتكنولوجيا اللازمة.
  • التسويق: الحملات الإعلانية، الترويج، والتسويق الرقمي.
  • العمليات اليومية: الرواتب، الإيجارات، البرمجيات، والخدمات اللوجستية.

بالطبع هذه الجوانب ليست ثابتة، وتختلف حسب طبيعة الشركة.

المؤسسون الجدد غالبًا ما يقعون في فخ الإنفاق الكبير في بداية المشروع، معتقدين أن النجاح سيأتي بسرعة. لكن الواقع يسير إلى أن الوصول إلى مرحلة الربحية قد يستغرق وقتًا أطول مما هو ممكن. لذا، من الضروري التخطيط المالي بطريقة تأخذ في الاعتبار جميع السيناريوهات الممكنة، بما في ذلك الأوقات التي قد تكون فيها الإيرادات غير كافية لتغطية النفقات.

التخطيط المالي الجيد يتطلب وضع توقعات للإيرادات والمصروفات، وتحديد أهداف مالية قصيرة وطويلة الأجل. تشمل العناصر الأساسية لخطة مالية ناجحة الآتي:

  • تقدير الإيرادات المتوقعة بناءً على تحليل السوق والطلب.
  • تحديد جميع المصروفات الثابتة والمتغيرة بما في ذلك التكاليف غير المباشرة.
  • وضع أهداف قصيرة الأجل (مثل تحقيق نقطة التعادل مع الميزانية التي تم ضخها في البداية) وأهداف طويلة الأجل (مثل تحقيق نمو مستدام).
  • استخدام أدوات المحاسبة الحديثةالتي تساعد في إدارة الميزانية وتوفير تقارير مالية مفصلة وتحديد الفجوات المالية المحتملة.
  • الحفاظ على مستوى مناسب من السيولة حتى يستمر المشروع. فبدون سيولة كافية، قد تجد الشركة نفسها غير قادرة على تغطية النفقات اليومية.
  • تحضير خطة مالية بديلة لمواجهة التغيرات غير المتوقعة أو الأزمات.

يُنصح المؤسسون ببدء وضع خطة مالية تفصيلية تقسم الميزانية إلى مراحل مختلفة، مع ترك مجال للمرونة للتكيف مع التغيرات غير المتوقعة. هذا يتضمن مراجعة وتحديث الخطة المالية بانتظام بناءً على الأداء الفعلي للشركة والتغيرات في السوق.

تجاهل دور الفريق وبناء العلاقات

أفضل الأفكار والمنتجات قد تواجه الفشل إذا لم يكن هناك فريق متكامل وكفء قادر على تحويل هذه الأفكار إلى واقع ناجح. لا يمكننا أن ننكر أن نجاح معظم المشاريع يعتمد على الخبرات المتعددة التي يجلبها الفريق، فجودة الأفراد في كل قسم من الأقسام المتنوعة التي تتراوح بين التطوير التقني والتسويق والإدارة والعمليات المالية.

وجود فريق متعدد التخصصات يضمن أن جميع جوانب العمل تتم إدارتها بكفاءة، وأن الجهود لا تقتصر فقط على الجانب التقني. على سبيل المثال، وجود مدير تسويق خبير يمكن أن يساعد في نشر الوعي بالمنتج أو التطبيق والتواصل مع الجمهور المستهدف بشكل فعال، بينما وجود مسؤول مالي متمكن يضمن أن الموارد المالية تُدار بكفاءة، مما يحمي الشركة من الوقوع في مشكلات التمويل غير المدروس.

أيضًا، يجب الإشارة أن التنوع في المهارات والخبرات ليس كافيًا وحده. يجب أن يعمل الفريق ككيان واحد، بحيث يساهم كل عضو بخبراته ويعمل بتنسيق تام مع الآخرين. هنا يأتي دور بناء ثقافة العمل الجماعي وتعزيز التعاون والاحترام المتبادل في بيئة العمل، حتى يتسنى للفريق العمل بإبداع أكبر، بحيث يشعر كل عضو بالحرية في طرح أفكاره وتقديم مقترحاته وتبادل المعرفة والخبرات.

لذلك، يجب على المؤسسين توخي الحذر عند اختيار أفراد فريقهم، فمن المهم توظيف أشخاص يمتلكون المهارات المناسبة ويتمتعون بالقيم التي تناسب شركتك، بالإضافة إلى قدرتهم على المرونة والتكيف مع التحديات المتغيرة والقدرة على تحمل ضغط العمل وتقديم حلول مبتكرة. أيضًا، لا تغفل دور استثمار الوقت والجهود في بناء علاقات خارجية قوية مع مستثمرين ومستشارين وشركاء استراتيجيين يوفرون لك خبرات غير متوفرة داخليًا.

عدم الاستعداد للنمو والتوسع

غالبًا ما يٌغفل عن مرحلة النمو والتوسع في المراحل المبكرة. العديد من الشركات تبدأ بمشروع صغير يركز على تقديم منتج أو خدمة موجهة لشريحة معينة من السوق، دون التفكير الجاد في كيفية التعامل مع التوسع المتوقع عند تحقيق النجاح. هذه الفجوة في التخطيط يمكن أن تؤدي إلى تحديات كبيرة مستقبلية، خاصة عندما يبدأ الطلب على المنتج أو الخدمة في الزيادة بشكل غير متوقع.

عدم الاستعداد بشكل كاف لمواجهة هذه الزيادات يمكن أن يتسبب في ضعف الأداء التنفيذي أو تأخر وصول الخدمات وتنفيذها عن المعدل الطبيعي أو حتى انخفاض جودة المنتج، مما يضر بسمعة الشركة وقدرتها على الاحتفاظ بالعملاء دون شك.

لهذا، من الضروري أن يتم التخطيط المسبق للنمو والتوسع لضمان قدرة الشركة على التكيف مع الطلب المتزايد وتفادي العقبات التي قد تعترض طريقها، فيجب على المؤسسين وضع خطة توسع متكاملة تشمل كافة جوانب النمو المحتملة. هذا الخطة يجب أن تتضمن تحديثات على البنية التحتية التقنية مثل تحسين الخوادم أو توسيع الشبكة لتسع عددًا أكبر من المستخدمين. كما يجب أن تشمل استراتيجيات لتوظيف المزيد من الأفراد، حيث يتطلب النمو الطبيعي توسيع الفريق لضمان أن جميع المهام يمكن إنجازها بكفاءة.

في الختام، إن ريادة الأعمال التقنية مليئة بالتحديات، وتجنب الأخطاء الشائعة والتعلم المستمر يمكن أن يكون مفتاح النجاح. عليك أن تكون مستعدًا لتحليل الأخطاء والتعلم منها.

لنبدأ 🚀

جاهز تبني مشروعك؟

غانم الدوسري، مؤسس Sprint، ساعد أكثر من 20 شركة ناشئة في الكويت من الفكرة إلى الإطلاق.